top of page
Rechercher

التشريع الغابوي بالمغرب بمناسبة مرور مائة سنة على تأسيس مندوبية المياه والغابات


من إعداد :عبد العالي المصباحي المحامي العام بمحكمة النقض

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام عل أشرف المخلوقين وعلى آله وصحبه أجمعين

وبعد: يخلد العالم كل سنة اليوم الدولي للغابات,الذي يصادف21 مارس من كل سنة، بعدما سبق وأقرته المنظمة العالمية للزراعة و التغذية مند نهاية 1970, وكان أول مؤتمر للأمم المتحدة يُعنى بالبيئة البشرية المنعقد بستكهولم عاصمة السويد ما بين 5و16 يونيو 1972, تحت شعار:

" نحن لا نملك إلا كرة أرضية واحدة "حضره 1200 مؤتمرا يمثلون 144 دولة, عرفوا البيئة في أول تعريف رسمي لها بأنها:

" جملة الموارد المادية والاجتماعية المتاحة في وقت ما وفي مكان ما لإشباع حاجات الإنسان وتطلعاته". ولم يحد المغرب عن المنظومة الدولية في الاهتمام بهذا المجال الحي, بل نجده دشن باب التشريع منذ بداية القرن العشرين في إطار الظهير الشريف المتعلق بالمحافظة على الغابات واستغلالها الصادر بتاريخ 10/أكتوبر/1917, واستمر هذا المسلسل التشريعي ليناهز الثلاثين قانون ما بين ظهير ومرسوم وقرار وزاري, وهي كالتالي:

- الظهير الشريف الصادر في 20 من ذي الحجة 1335 الموافق لـ 10 أكتوبر1917 المتعلق بالمحافظة على الغابات واستغلالها، كما وقع تغييره وتتميمه؛

- الظهير الشريف الصادر في 27 صفر 1346 الموافق لـ 11 أبريل 1922 بشأن الصيد في المياه القارية.

- الظهير الشريف الصادر في 6 ذي الحجة 1341 الموافق لـ 21 يوليوز 1923 بشأن مراقبة الصيد البري، كما وقع تتميمه وتغييره بالقرار رقم 03-54.

- الظهير الشريف الصادر في 8 شعبان 1343 الموافق لـ 4 مارس 1925 بشأن حماية غابة الأركان وتحديدها.

- الظهير الشريف الصادر في 20 محرم 1349 الموافق لـ 20 يونيو 1930 بالمحافظة على منابت الحلفاء واستغلالها.

- الظهير الشريف الصادر في فاتح جمادى الثانية 1353 الموافق لـ 11 شتنبر 1934 بشأن إحداث الحدائق الوطنية.

- الظهير الشريف الصادر في 22 شوال 1357 الموافق لـ 15 دجنبر 1938 بشأن تجارة الطرائد.

- الظهير الشريف الصادر في 15 شعبان 1369 الموافق لـ 2 يونيو1950 بإحداث المجلس الأعلى للقنص وصندوق القنص.

- المرسوم رقم 553-04-2 الصادر في 24 يناير 2005 والمتعلق بالصب والسيلان والرمي والإيداع المباشر أو غير المباشر في المياه السطحية أو الجوفية؛ وقرار الوزير المكلف بإعداد التراب الوطني والماء والبيئة رقم 03-2028 الصادر في 5 نوفمبر 2003 بتحديد معايير جودة مياه تربية الأسماك.

- الظهير الشريف رقم 170-69-1 الصادر في 10 جمادى الأولى 1389 الموافق لـ 25 يوليوز 1969 المتعلق بحماية الأراضي واستصلاحها.

- الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 350-76-1 الصادر في 25 رمضان 1396 الموافق لـ 20 شتنبر 1976 المتعلق بتنظيم مشاركة السكان في تنمية الاقتصاد الغابوي.

- الظهير الشريف الصادر في 26 من صفر 1334 الموافق لـ 3 يناير 1916 بسن نظام خاص لتحديد أملاك الدولة.

- الظهير الشريف الصادر في 9 جمادى الآخرة 1332 الموافق لـ 5 ماي 1914 بتنظيم استغلال المقالع.

- الظهير الشريف الصادر في 24 صفر الخير 1337 الموافق لـ 30 نونبر 1918 بشأن الاحتلال المؤقت للملك العام.

- الظهير الشريف رقم 60-03-1 الصادر في 12 ماي 2003 القاضي بتنفيذ القانون رقم 03-12 المتعلق بدراسات التأثير على البيئة.

- الظهير الشريف رقم 60-03-1 الصادر في 12 ماي 2003 القاضي بتنفيذ القانون رقم 03-11 المتعلق بحماية واستصلاح البيئة.

-مشروع القانون رقم 05-29 المتعلق بحماية أصناف النباتات والحيوانات المتوحشة ومراقبة الاتجار بها.

انكبت جلها حول الحفاظ على الغابة وبعض أنواع الأشجار كالأركان وبعض النباتات كالحلفاء, وتقنين القنص والصيد البري وحماية الوحيش والاستغلال للموارد الغابوية والمائية, لما لها من تأثير على المجالين الإيكولوجي والبيئي, ولأن الحفاظ عليها كان ومازال من المصالح المجتمعية ذات الارتباط بالحق العام والاهتمام الدولي, إذ لا ينحصر في إطار حق خاص أو مصلحة فئوية أو شخصية محدودة بل يمتد ليدخل في الشأن العام والسياسة العامة لكل حكومة لأن الحفاظ على المجال البيئي هو جزء من الحفاظ على النظام العام, وهذا ما نص عليه الدستور في فصله 19 الذي جاء فيه:

يتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، الواردة في هذا الباب من الدستور، وفي مقتضياته الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها......

وهو نفس توجه المشرع الفرنسي في قانونه الصادر بتاريخ 10/07/1976 المتعلق بحماية الطبيعة في مادته الأولى التي جاء في مضمنها: "إن حماية الأصناف الطبيعية, والحيوانات والنباتات, والحفاظ على التوازن البيولوجي الذي يتشاركون فيه, وحماية جميع الموارد الطبيعية, ضد جميع أسباب التدهور التي تهددها, أمر تقتضيه المصلحة العامة".

ونظرا لما يتوفر عليه المغرب من ثروة نباتية توازي حوالي تسع مليون هكتار, مابين غابات طبيعية وأخرى مزروعة وسهوب عشبية, فإنه تصدى بالتجريم والعقاب لكل المعتدين على هذا المجال والعابثين بهذه الثروة والمستنزفين لهذا المخزون الوطني, إذ جرم عددا من الأفعال التي اعتبر فيها مسا بالمجال الغابوي, سواء في إطار القوانين الخاصة أو في إطار القانون الجنائي بوصفه القانون الزجري الأم, وهكذا عاقب في الفرع الثاني الخاص بالجنايات والجنح ضد أمن الدولة الخارجي بما يلي:

الفصل181: يؤاخذ بجناية الخيانة، ويعاقب بالإعدام، كل مغربي ارتكب، في وقت السلم أو في وقت الحرب، أحد الأفعال الآتية:........سلم إلى سلطة أجنبية أو إلى عملائها إما قوات مغربية وإما أراضي....مملوكة للدولة المغربية...., وتدخل الغابة بطبيعة الحال ضمن الأراضي المملوكة للدولة.

واعتبر في الفصل 218-3 من نفس القانون فعلا إرهابيا, إدخال أو وضع مادة تعرض المجال البيئي للخطر، سواء في الهواء أو في الأرض أو في الماء، بما في ذلك المياه الإقليمية,

الفصل 3-218: يعتبر أيضا فعلا إرهابيا، بالمفهوم الوارد في الفقرة الأولى من الفصل 1-218 أعلاه، إدخال أو وضع مادة تعرض صحة الإنسان أو الحيوان أو المجال البيئي للخطر، في الهواء أو في الأرض أو في الماء، بما في ذلك المياه الإقليمية. يعاقب عن الأفعال المنصوص عليها في الفقرة الأولى أعلاه بالسجن من 10 إلى 20 سنة.

تكون العقوبة هي السجن المؤبد إذا ترتب عن الفعل فقد عضو أو بتره أو الحرمان من منفعته أو عمى أو عور أو أي عاهة دائمة أخرى لشخص أو أكثر. تكون العقوبة هي الإعدام إذا ترتب عن الفعل موت شخص أو أكثر.

وعاقب في الفرع الخاص بالسرقات وانتزاع الأموال في الفصل 517 من ق ج ما يلي:

الفصل 517: من سرق من الحقول خيولا أو دواب للحمل أو عربات أو دواب للركوب أو مواشي، كبيرة أو صغيرة، أو أدوات فلاحية، يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من ألف ومائتين إلى خمسة آلاف درهم. وتطبق نفس العقوبة على سرقة الأخشاب من أماكن قطعها والأحجار من محاجرها والرمال من الشواطئ أو من الكثبان الرملية الساحلية أو من الأودية أو من أماكنها الطبيعية والأسماك من بركة أو حوض أو ترعة خاصة..........تأمر المحكمة، علاوة على ذلك، بأن يصادر لفائدة الدولة، مع حفظ حقوق الغير حسني النية، الآلات والأدوات والأشياء ووسائل النقل التي استعملت في ارتكاب الجريمة أو كانت ستستعمل في ارتكابها أو التي تحصلت منها وكذلك المنح وغيرها من الفوائد التي كوفئ بها مرتكب الجريمة أو كانت معدة لمكافأته.

ونص في الفرع السادس مكرر الخاص بغسل الأموال في

الفصل 2-547: يسري التعريف الوارد في الفصل 1-574 أعلاه على الجرائم التالية ولو ارتكبت خارج المغرب:………..

-الجرائم المرتكبة ضد البيئة..........

وفي الفرع الثامن والذي جاء تحث عنوان التخريب والتعييب والإتلاف- عاقب بعقوبة الجناية التي تصل إلى عشرين سنة,كل من أوقد النار عمدا في الغابات والأخشاب, طبقا للفصل 581 من ق ج, الذي نص على ما يلي:

الفصل 581: يعاقب بالسجن من عشر إلى عشرين سنة من أوقد النار عمدا.........

- غابات أو أخشاب مقطوعة أو أخشاب موضوعة في حزم أو أكوام...........

وعاقب في الفصول من 597 إلى 599- في غير الحالات المشار إليها في الظهير الخاص بقانون الغابات

- كل من أتلف مزروعات قائمة أو نباتات نمت طبيعيا, أو اقتلع شجرة أو قطعها أو عيبها أو أزال قشرتها بطريقة تميتها أو أتلف طعمة.

وعاقب في الفصول من 601 إلى607 كل من سمم أو قتل حيوانا بما فيها الأسماك وكل من بترها بدون موجب وكل من قطع أو حسك غرسا متعارفا عليه لإثبات الحدود بين العقارات,

ويعزى هذا الحرص الشديد على حماية المجال البيئي من طرف المشرع المغربي,إلى ما يعرفه من تراجع سنوي للمساحات الخضراء, نتيجة ارتفاع نسبة النمو الديمغرافي واتساع نطاق المدن والضغط الرعوي والاجتثاث العشوائي لمختلف أصناف النباتات والقطع المفرط للأشجار, واندلاع الحرائق وانتشار الأمراض والطفيليات واستمرار الجفاف والاستغلال العشوائي للمقالع وزحف التصحر وتضاعف نسبة التلوث, وإن كان من بين هذه العوامل ما هو طبيعي فالأخرى تبقى من فعل البشر, مما يجب معه التصدي لها بالتجريم والمكافحة.

لهذا لابد من استراتيجية وطنية تجعل من أهدافها الأولى والأساسية ما يلي:

-وضع مخطط سياسي يهدف إلى التنمية المستدامة في المجال الغابوي, مع إشراك الساكنة المجاورة في هذا المخطط الشامل؛

-وضع قانون بيئي جامع لكل المواد ذات الاهتمام المشترك, وذلك على غرار باقي الدول التي تنبهت لخطورة الظاهرة وسارعت لمكافحتها؛

- إبرام الاتفاقيات الدولية اعتبارا أن الجرائم ضد الغابات أصبحت من الجرائم العابرة للحدود, كالتجارة غير المشروعة للأشجار؛

- انتقال الجهات الوصية على المجال الغابوي في جانبه الزجري, من دورها العلاجي المتمثل في إنزال العقاب وتحقيق الردع, إلى دور وقائي يهدف إلي التوعية والتحسيس, وانتقالها من زجر الجريمة إلى مكافحة الانحراف؛

- تحديد الملك الغابوي بالقيس والتحفيظ ورسم خارطة طبغرافية واسترجاع المغتصب منه والذي تم تفويته بطرق غير قانونية؛

- تفعيل الصفة الضبطية لأعوان مندوبية المياه والغابات, لجعلها ضابطة قضائية قائمة الذات, تتألف من شرطة تقنية وأخرى علمية ولها مذكرة لتلقي التصريحات وأماكن للوضع تحث الحراسة النظرية وإشراف فعلي للنيابة العامة؛

- زيادة الإمكانيات البشرية واللوجستيكية لتفعيل عمليات المراقبة والتدخل ووضع رقم هاتفي أخضر للتبليغ عن المخالفات؛

- تسوية مدد التقادم في مخالفات التشريع الغابوي مع مدد التقادم الجنائي العام: الجنايات 15 سنة, الجنح 4 سنوات, المخالفات 1سنة واحدة؛

- تكوين القضاة وضباط الشرطة القضائية وموظفي الإدارات المعنية في المجال البيئي للتصدي لكل أنواع الجريمة البيئية؛

- بسط يد النيابة العامة في تحريك المتابعات والبحث عن كل المخالفات؛

- الرفع من العقوبات الحبسية والغرامات وتوسيع دائرة التجريم لتشمل الأشخاص المعنويين؛

- تربية الناشئة على حب هذه الثروة الوطنية, وبرمجة أيام مدرسية للتشجير وخلق أوراش محلية للعناية بالغابات؛

- تشجيع الجمعيات المهتمة على القيام بدور الرقابة, وتنمية كل الأنشطة ذات النفع على هذا القطاع؛

وهكذا كلما استشعرنا جميعا أن استمرار الحياة البشرية هو رهين ببقاء المجال الغابوي في حالة جيدة, يستجيب معها لمتطلبات الإنسان اليومية من رعي وتغذية وتدفئة وتنقية هواء, كلما ناضلنا من أجل الحفاظ عليه, كل في مجال اهتمامه وتخصصه, سواء بالتنمية والتطوير أو التشريع والتقنين أو الزجر والمكافحة والتطهير, وكيف لا وهذه الشجرة هي أقدم من تواجد الإنسان, فقد سبقته في الأرض وفي الحياة البرزخية من جنة وجحيم, إذ ضرب الله مثل نوره بزيت شجرة الزيتون, وكانت سببا في نزول آدم وحواء إلى الأرض, وكلم موسى ربه وهو بجانب الشجرة, وظللت يونس شجرة من يقطين, وبويع محمد صلى الله عليه وسلم وهو تحث الشجرة,وأوحى الله للنحل أن يتخذ منها بيوتا, ومنها أخرج القلم الذي به نتعلم. وخير ما أختتم به هذه الكلمة قول الله سبحانه وتعالى:

﴿أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ, أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِؤُونَ, نَحْن جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ ﴾سورة الواقعة.

عبد العالي المصباحي

7 vues0 commentaire

Posts récents

Voir tout

دور محكمة النقض

تتربع محكمة النقض على قمة هرم التنظيم القضائي المغربي، و يشمل نفوذها جميع التراب الوطني. أحدثت محكمة النقض، غداة الاستقلال و كانت تسمى آنذاك بالمجلس الأعلى، إلى أن تم تغيير هذه التسمية بمقتضى الظهير ا

مقترح مشروع النظام الأساسي للنيابة العامة

​ الفصل الأول : يتألف السلك القضائي للمملكة من قضاة الأحكام وقضاة النيابة العامة بكل من محكمة النقض والمحاكم الاستئنافية والابتدائية والماليةوالعسكرية, ويشمل أيضا القضاة الممارسين بوزارةالعدل والقضاة

bottom of page