top of page
Rechercher

تقييم الممارسة القضائية في التعاطي مع قضايا الرأي والتعبير

elmisbahiabdelali

جوابا على سؤالك سيدتي القضاء أولا هو سلطة أحدثت للفصل بين الأفراد فيما بينهم أو فيما بين الأفراد والإدارات والمؤسسات العمومية، وذلك بتحقيق العدالة في إطار التطبيق السليم للقانون، والذي وضعه المشرع بين يديه ليكون بمثابة أدوات اشتغال السادة القضاة وهم يبثون في الدعاوى.


فإذا أردنا أن نتحدث عن حرية التعبير والرأي فهو حق دستوري أولا نص عليه في عدد من الفصول وخصوصا الفصل 25 منه حينما قال :حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها والعبارات هنا جد مضبوطة وواسعة المفاهيم فالفكر هو مجموعة قناعاتك المادية والروحية والوجدانية والرأي هو ما تبديه من أجوبة شفاهية وتصرفات وأفعال تحدد مواقفك في عدد من الأمور والقضايا أما التعبير فهو المجاهرة بآرائك الفردية أو الجماعية في إطار معين حول القضايا والتوجهات التي تتخلل مجريات الحياة العامة، وقد يكون هذا التعبير منظم في شكل حزبي أو جمعوي أو نقابي أو منظماتي أو فردي في إطار الكتابة والتأليف والنشر.


والمشرع حينما اعتبر حرية التعبير والرأي حقا دستوريا فهو بالمقابل جعله واجبا على عاتق الدولة، لتعمل على حمايته وتوفير المناخ اللازم لممارسته، وهكذا جاء المشرع بقانون الحريات العامة وهو قانون الصحافة والنشر وقانون الحق في التجمهر وقانون الحق في تأسيس الجمعيات وقانون الأحزاب والنقابات، كما أعطى الدستور لكل مواطن الحق في المعلومة والحق في المشاركة في اقتراح القوانين والحق في تسيير الحياة العامة والحق في التصويت وانتخاب ممثلي الأمة والحق في التجول وغيرها من الحقوق التي أسندت للرجل والمرأة على قدم المساواة وجُعل القانون بالتالي حسب الفصل العاشر هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة.


إلا أن هذا الحق في التعبير والرأي إذا ما تركه المشرع على عواهنه لتمت إساءة استعماله


والشطط في ممارسته، مما قد يؤثر سلبا على حقوق الغير وخرق أنظمة المؤسسات.


وهذه كانت الغاية من تقييده حتى يمارس في حدوده الحقة والمعقولة، فنجد المشرع سن قوانين لحماية ثوابت الأمة والنظام العام والآداب العامة والحياة الخاصة للأشخاص والمعطيات الشخصية وشرف وكرامة الأشخاص والمؤسسات، حتى لا تحيد حرية التعبير هذه عن مسارها الصحيح الذي شُرّعت لأجله.


والقضاء بصفته سلطة الفصل في النزاعات وسماع المظالم دأب على البث في القضايا التي ترفع بين يديه للنظر في الجرائم التي قد ترتكب في إطار ممارسة هذه الحرية ألا وهي حرية التعبير سواء كانت صادرة عن أشخاص أو مؤسسات وهيئات كأن تصدر عن الصحافيين، ومن بين هذه القضايا نجد مثلا جرائم السب والقذف وإهانة الهيئات المنظمة ونشر النبأ الزائف والتشهير وغيرها من الجرائم المعاقب عنها في إطار القانون الجنائي أو القوانين الجنائية الخاصة كقانون الصحافة والنشر.


ولأن المغرب وفي إطار استكمال بنائه الديمقراطي ما فتئ يعدّل قوانينه وتشريعاته لتتلاءم وقوانين المنتظم الدولي والاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وهكذا فقد عرف قانون الصحافة الصادر سنة 1958 عدة تعديلات مهمة كان آخرها مشروع 2007 الذي تم الاشتغال عليه من طرف لجنة مختصة ليتلاءم والمقتضيات الجديدة لدستور المملكة لتتم المصادقة عليه وخروجه حيز التنفيذ سنة 2016 تحث إسم قانون الصحافة والنشر ، والذي جاء بتعديلات جد مهمة أولها حذف العقوبات الجبسية على عدد من الجرائم، كما أن العمل القضائي وخصوصا في قضاء النيابة العامة كرس عدة إجراءات مسطرية أهمها تقديم الشكاية الخاصة بجرائم الصحافة أمام القضاء مباشرة فيما يسمى بالاستدعاء المباشر الذي يسلمه الطرف المدني طبقا للمادة 384 من قانون المسطرة الجنائية، وذلك تفاديا لما كانت تعرفه هذه القضايا من تأخير في البحث لتواجد أطراف الشكاية بمدن مختلفة ما كان يفوت الفرصة عن المشتكي في مثول المشتكى به أمام القضاء بسبب التقادم الذي يطال الشكاية، خصوصا وأن أمد التقادم في قضايا الصحافة هو ستة أشهر وهو أمد جد قصير لاحتواء آجال المساطر والإجراءات الخاصة بالبحث والتكييف والمتابعة والحكم.


وقد ساعد هذا التوجه على توصل أطراف القضية لصلح وتنازل عن الدعوى في أغلب الحالات والتي قد تقتصر على مجرد استعمال الحق في الرد أو تصويب ما جاء به المقال من أمور مغلوطة. وهكذا فإن هذا الإيجابي للنيابة العامة للخوض في كل قضايا الصحافة ، كان له الأثر البالغ في التطبيق السليم لمبدئ ملاءمة المتابعة، وإعطاء الحق للمتضرر في خيار اللجوء إلى القضاء أو المطالبة بالحق في الرد، خصوصا وأن عددا من الأشخاص المتضررين من جرائم الصحافة قد يفضلون عدم اللجوء إلى القضاء لأسباب عديدة.


وإذا كان الأمر كما ذكرناه فيما يخص الجرائم المرتكبة في إطار الصحافة الورقية، فإن جرائم الصحافة الإلكترونية تبقى هي المعضلة التي يواجهها المغرب حاليا، وذلك لما للإنترنيت من قوة في اختراق البيوت وضبابية في التعرف على هوية أصحاب المواقع ومكان تواجدهم، وما يتبع هذا من تحديد للاختصاص المكاني والنوعي ومسألة التقادم ما بين تاريخ النشر واستمراره.


وهذا ما يجب أن يشتغل عليه المشرع لتضييق الطوق على المتطفلين على مهنة الصحافة، حيث أصبح كل من يتوفر على هاتف ذكي إعلامي، كما أن القضاء وكل الوظائف التابعة له كالضابطة القضائية مثلا، غير قادرين على مواكبة هذا الكم الهائل من الجرائم الإلكترونية التي تروج بمواقع التواصل الاجتماعي وعبر محركات البحث، وذلك لقلة الإمكانيات البشرية واللوجستيكية والتقنية خصوصا وأن علوم الإنترنيت تتقدم بسرعة الضوء فسبقت الجريمة الإلكترونية آليات المكافحة والزجر.


فالمأمول أولا هو نشر المعلومة القانونية ما بين الفئات المجتمعية مع الحث على تخليق الحياة العامة والتنزيل الحقيقي لمدونة أخلاقيات مهنة الصحافة مع تحقيق الردع الخاص والعام عن طريق تحريك المتابعات الفورية في حق المستهترين بالقوانين والخارقين لحرمة حرية التعبير والرأي ، فالمشهد الزجري هو أهمّ وأرقى صورة لتطبيق القانون وتحقيق الردع الفوري بنوعيه الخاص والعام



Envoyé de mon iPhone

 
 
 

Posts récents

Voir tout

دور محكمة النقض

تتربع محكمة النقض على قمة هرم التنظيم القضائي المغربي، و يشمل نفوذها جميع التراب الوطني. أحدثت محكمة النقض، غداة الاستقلال و كانت تسمى...

Commentaires


  • facebook
  • twitter

© Abdelali El Misbahi.

bottom of page