تاريخ الإصدار سنة 2014
يتطلب إصلاح منظومة العدالة إشراك جميع الفعاليات في المجتمع للمساهمة في هذا الورش ووجود اقتناع لدى الجميع بأن كل واحد هو لبنة أساسية في هذا البناء وأنه بإصلاح نفسه والحث على إصلاح من حوله سيكون قد ساهم فعليا في إصلاح العدالة، وأن الوقوف على أوجه الخلل في كل مجال من مجالات العدالة هو من النقط الرئيسية للوصول إلى تصور شمولي لمنهج العمل المستقبلي الذي يروم الإصلاح، كما أن إشراك ذوي الخبرة والاختصاص هو من الأمور التي لا يمكن إغفالها، وللاستفادة من تصوراتهم النظرية ونتاج محكهم اليومي في الوقوف على الثغرات والرجوع عن الهفوات، والتحصن للطوارئ أو المستجدات.
ولتنزيل مشروع الإصلاح على أرض الواقع، وإلباس حلة التنظير للعمل اليومي, لابد من وجود تصور مستقبلي لطريقة العمل والتأطير بكل مؤسسة تدخل في منظومة العدالة، ولابد من وجود استراتيجية موضوعة مسبقا للاقتداء بها, وسياسة جنائية تتضمن حلولا شمولية. ورغم اختلاف الفقهاء ورجال القانون حول مفهوم السياسة الجنائية, وذلك لإعطاء كل واحد منهم مفهوما لها من خلال موقعه أو منصبه أو تصوره للمسألة, إلا أن تعريفها الشمولي والجامع يبقى هو التالي:
السياسة الجنائية حقل علمي ومعرفي تدرس وتراقب فيه الآليات المعتمدة في مجتمع من المجتمعات لمواجهة الظاهرة الإجرامية بمكونيها الجريمة والانحراف. وبالرجوع للتشريع المغربي لا نجد للسياسة الجنائية مفهوما في سياقه التاريخي, اللهم ما نصت عليه المادة 51 من قانون المسطرة الجنائية التي جاء فيها :
يشرف وزير العدل على تنفيذ السياسة الجنائية, ويبلغها إلى الوكلاء العامين للملك الذين يسهرون على تنفيذها,.........
ويمكن أن نحصر الأجهزة المعنية بالتغيير في التالية :
مؤسسة النيابة العامة
لإصلاح هذه المؤسسة لابد من تفعيل النقط التالية :
1. الإيمان بمبدأ التخصص ووضع قضاة لهم خبرة في عمل النيابة العامة لتأطير هذا الجهاز ولهم من الجرأة ومن المبادرة والاستباق ما يكفي لتفعيل مبدئ التسلسل الرئاسي وإصدار التعليمات والتوجيهات للهيئات التابعة لهم؛
2. خروج النيابة العامة من دورها المحتشم المتمثل في تلقي المحاضر والقيام بتكييفها إلى دور الريادة والبحث عن أسباب تفاقم الجريمة وانتشارها ثم العمل على القضاء عليها في مهدها؛
3. انتقال عمل النيابة العامة من الدور الزجري إلى الدور الوقائي بما فيها رقابة عمل الشرطة الإدارية والمجالس الجماعية والجهات المكلفة بالرقابة وحماية المواطن؛
4. رفع القيود على النيابة العامة في بعض الجرائم التي لا تحرك الدعوى العمومية بشأنها إلا بشكاية من الجهة صاحبة الحق، وبسط نفوذ النيابة العامة على جميع الميادين لتتمكن من مراقبة مدى احترام القانون؛
5. جعل الدعوى العمومية سلطة وليست حقا، حتى تكون النيابة العامة في عملها اليومي تمارس سلطة باسم المجتمع ولا تمارس حقا يمكن التنازل عنه أو التصالح بشأنه، فتمس المصالح العامة للمجتمع؛
6. تعيين ممثلين عن النيابة العامة بالمقاطعات الأمنية لإعطاء الشكايات الاتجاه القانوني الصحيح والبت في الشكايات ذات الصبغة المدنية في إبانها والسهر على إنجاز المحاضر والأبحاث شخصيا حتى لا يتم الطعن في شكلياتها؛
7. تمكين أعضاء النيابة العامة من الوسائل اللوجستيكية والمادية لتسهيل التنقل والاتصال والوقوف على حالات التلبس وضبط المشتبه فيهم؛
8. وضع شرطة مالية تحت إمرتها لمحاربة الجرائم المالية من تهرب ضريبي وجمركي وجرائم المال العام؛
9. تجديد الترسانة القانونية بشكل يتماشى وما أصبحت تعرفه الجريمة من تطور؛
10. تفعيل دور وكيل الملك بالمحاكم التجارية للوقوف على الجرائم ذات الصلة بالشركات والأموال كالتفالس بالتدليس وتغيير مقرات وممثلي الشركات للتملص من الالتزامات العامة والخاصة؛
11. إحداث دورات تدريبية يقوم بها أعضاء النيابة العامة لفائدة ضباط الشرطة القضائية لاطلاعهم على القوانين وتوحيد طرق العمل بينهم؛
12. تمكين ممثل النيابة العامة القائم بالديمومة من الجهاز اللاسلكي الخاص بالشرطة والدرك ليكون على علم بالأحداث ويدخل على خط تحرك الضابطة القضائية؛ في الوقت المناسب لإعطاء تعليمات فورية وفاعلة,
13. تعميم شبكة الانترنت على جميع مؤسسات النيابة العامة، لتمكينها من الحصول على المعلومات الخاصة بالمتابعين كالسجل العدلي والبطائق رقم 1 و2 الخاصة بالسوابق؛
14. ترسيخ مبدأ بدائل الاعتقال، بفرض كفالات مالية على المشتكى بهم ومتابعتهم في حالة سراح والتريث في الاعتقال الاحتياطي إلى حين صدور الحكم بالإدانة؛
15. خلق شراكة عمل بين مؤسسة النيابة العامة والمجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية لمراقبة نفقات الدولة وذلك لجعل الأبحاث تسير بصفة متوازية وتحث رقابة قضائية ربحا للوقت واحتراما لأمد التقادم الذي عرف مؤخرا تقليصا في مدده.
16. تفعيل دور ا لنيابة العامة في مهامها المنصوص عليها في القوانين الخاصة، مثل قانون التوثيق والصيدلة والطب وزجر الغش – والقنص والصيد والتلوث والطاقة وغيرها من القوانين ذات الصبغة الزجرية.
17. تعيين أحد ممثلي النيابة العامة بمراكز الحماية والتهذيب لاستقبال الأحداث الجانحين، بعيدا عن المحاكم والسهر على تطبيق التدابير الخاصة بهم لتقويم جنوحهم؛
18. خلق شراكة بين النيابة العامة والوزارات الوصية على الشؤون الاجتماعية والمرأة والطفل لتعزيز أسس الوقاية من الجريمة ومحاربة السلوك المنحرف؛
19. عقد اجتماعات مع السلطة المحلية بكل عمالة أو إقليم لمحاربة الجرائم التي أصبحت تشكل ظاهرة اجتماعية بذات الجهة، مثل : التسول، التشرد، شغب الملاعب، حمل السلاح دون عذر مشروع، استغلال الملك العمومي، استهلاك المخدرات، الهجرة السرية
20. خلق تواصل بين النيابة العامة وأقسام الشؤون القانونية بمختلف الوزارات لتدارس جميع التصرفات التي تعتبر جرما أو فيها إضرار بالمصالح العامة أو المال العام ولم يتم تجريمها بعد.
21. إصدار قوانين تنظيمية تؤسس للعلاقة بين النيابة العامة والشرطة القضائية والعلمية والتقنية وكذا قاضي التحقيق مع تحديد المهام.
22. تكوين أعضاء النيابة العامة فيما يخص التحري والبحث بمسرح الجريمة,
23. الإشراف الفعلي للنيابة العامة على مراكز التشخيص القضائي ومصلحة البصمات والبطاقة الوطنية والحمض النووي.
24. جعل النيابة العامة هي المالكة الوحيدة والمحتكرة لحق تحريك الدعوى العمومية وذلك لضمان ما يلي:
- جعل المتابعة على قدم المساواة في حق الجميع
- إحساس الضحية بتضامن المجتمع معه فيما نزل به
- حماية الطرف الضعيف في الدعوى والذي قد يحجبه خوفه من أن يكون موضوع انتقام من التبليغ عن الجريمة.
- توحيد العمل في جميع المتابعات بين كل الجناة.
25 . تحديد معايير لاختيار المسؤول, مادام المنصب يتأثر إيجابا أو سلبا بشخصيته.
26 . تكوين أعضاء النيابة العامة في مادة علم الإجرام والعلوم المقارنة,
27 . إعطاء صلاحيات أوسع للوكيل العام للملك لتمكينه من تنفيذ السياسة الجنائية
II- قضاء الحكم
لإصلاح هذه المؤسسة لابد من تفعيل هذه المقترحات
1. ضرورة قضاء قاضي الحكم بمجرد تخرجه فترة ما بين 6 و10 سنوات بمؤسسة النيابة العامة,
2. توجيه القاضي بعد هذا إلى مجال التخصص في المادة التي يرى فيها ميولاته القانونية؛
3. تخصيص لقاء دوري على مستوى محكمة الاستئناف لتوحيد الاجتهاد بين مختلف الغرف في مادة معينة؛
4. جعل رقابة بمساعدة النيابة العامة على أعوان التبليغ والتنفيذ والمفوضين القضائيين للتسريع في تبليغ الاستدعاءات والأوامر القضائية؛
5. ربط جهاز الحاسوب الخاص بالقاضي بالأنترنت ليكون على إطلاع يومي بقرارات محكمة النقض؛
6. التكوين المستمر والدائم للقاضي في مجال تخصصه؛
7. جعل مدة معقولة كحد أقصى في التعيين بمختلف المحاكم طبقا لرغبة القاضي والمصلحة العامة؛
8. توطيد دور الجمعية العمومية لتكون الجهة الوحيدة الآمرة للقاضي لتحديد اختصاصاته ومهامه خلال السنة القضائية؛
9. تمكين قضاة الأحوال الشخصية والمواريث والتوثيق من دروس دورية في الشريعة وفقه السنة لارتباط ذلك بعملهم اليومي؛
10. خلق فرصة للقاضي في إطار الأبحاث التكميلية للقيام بدور التحكيم والمصالحة لتشجيع العدالة التصالحية التي تعجل بالبت وإنه النزاع.
11جعل تمثيلية المحامي مسألة واجبة في جميع القضايا لتسريع الإجراءات وحماية الأطراف الضعيفة وغير العارفة بشكليات التقاضي,
12.تعديل القوانين الإجرائية لجعل سلطة واسعة للقاضي, تمكنه من الأمر بإصلاح المساطر وتدارك الإجراءات, خلال كل مراحل الدعوى, حتى يصبح القضاء قادرا على إعطاء الحق بدلا من إقراره. بالنسبة للمعهد العالي للقضاء
يقترح إتباع النقط التالية :
1. فتح لائحة الترشيح في وجه جميع الطلبة الحاصلين على شهادة الدكتوراه أو الماستر في القانون – الاقتصاد – المالية – الشريعة الإسلامية.
2. تخصيص الستة أشهر الأولى للدراسات الأكاديمية، يليها فترة التدريب بالمؤسسات العمومية ثم مرحلة المحاكم خلال السنة الثانية بما فيها محكمة النقض.
3. برمجة دروس في علم النفس – علم الاجتماع – علم الإجرام – علم العقاب – الخطابة الحوار والبيداغوجيا.
4. تبادل الزيارات مع مختلف المعاهد الدولية بالنسبة للملحقين المتفوقين لخلق روح المنافسة بين الجميع.
5. إعطاء دروس التقوية في اللغات : الفرنسية، الإنجليزية، الإسبانية.
6. جعل بحث نهاية التدريب عبارة عن ملخص للفترة الخاصة بالتدريب مصحوبا باقتراحات وآراء لرصد جميع الصعوبات والتطلعات التي يهدف إليها الملحق القضائي.
7. إجراء محاكمات افتراضية أثناء الأشغال التطبيقية للاستئناس بجو المحاكم.
8 .تخصيص أيام متكررة لزيارة السجون والمؤسسات الإصلاحية للاطلاع على الواقع بهذه المؤسسات.
عبد العالي المصباحي
コメント